(( 3)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))
((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة ونزريك الشاطئ تكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البراونة ))
الحالة السياسية لقبائل ألفلان بأفريقيا فيما وراء الصحراء
تعتبر قبائل ألفلان من أكثر القبائل الإفريقية تنقلاً في عرض القارة و طولها, وقد اصطلح المؤرخون علي تسميتهم بالمنتشرين.
*الانتشار الأول: شمل جنوب موريتانيا و منطقة الحوض,والمعلومات عنها قليلة.
*الانتشار في الفترة التاريخية: وفي هده المرحلة اتجه ألفلان من منطقة حوض السنغال ألي عمق القارة الإفريقية.(ص31)
1ـ انتشارهم في منطقة فوت و حوض السنغال :
ابتداء من جنوب شرق موريتانيا,أخذت قبائل ألفلان تتجه نحو المناط الخصبة, حيت بدؤوا يمارسون حرفة الزراعة, فوصلوا إلي فوتاتورو مع نهاية القرن الثامن الميلادي و بدية القرن التاسع,و استمروا بها إلي القرن العاشر الميلادي.
و يبدو أن أفواجا كثيرة من ألفلان اتجهت إلي مملكة تكرور, و سيطرت علي مقاليد الأمور مع بداية القرن العاشر الميلادي, وأصبح سلاطين و حكام التكرور من ألفلان.(ص32)
وتعد أهم خلخلة سياسية ظهرت في المنطقة هي حركة الإمام عبد القادر المكنى بعبدول (1776-1805) و ينتسب إلي عشيرة ديالو الفولانية,وقد كان الإمام عبد القادر رجل سياسة استطاع إن يضم شمل منطقة فوتاتورو,ويؤسس مجتمعاً ملتزماً بمبادئ الشريعة الإسلامية, وكانت طموحاته توحيد المنطقة التي تعودت علي عدم الخضوع لأية سلطة,و بداية من القرن الثامن عشر لم يعد النظام الدينياكي يسيطر ألا علي ثلث هده المنطقة, ولم يبق قادراً علي توفير الأمن للسكان خاصة تجاه الخطر الأجنبي الذي يتمثل في تجارة الرقيق التي بدأها الاربيون انطلاقاً من سان لوى, وكذلك أمام خطر أخر يتمثل في غزوات كل من البراكنة و الترارزة.
وأمام هده الظروف و الأخطار التي تمر بها المنطقة تكونت فرقة من الأسر التورودية التي كانت تحتمي بمنطقة فوتا الوسطي و في سنة 1761 استطاعت الدفاع عن كيانها, وكانت هذه أول نقطة ارتكاز للنظام التورودي, و ابتداء من عام 1772 بدأ الإمام عبد القادر في حركة الجهاد ضد أعدائه الذين يثيرون علية المشاكل, وقد استعان بعدد من التورد, حيت استطاع بحكمته و حنكته السياسية إخضاع أمراء فوتا و مساعديهم, كما عمل على إقامة عدد من المدن المحصنة و المسورة, إضافة له لهذا وزع مجموعة من الأراضي الخصبة علي المسلمين الذين انضموا إلية, كما شيد عدة مساجد, وفي سنة 1784 استطاع الزعيم الروحي و السياسي الإمام عبد القادر من تنظيم دواليب بيت الحكم من الداخل,بأن فرض الضرائب علي التجار, و منع تجارة الرقيق,وأعلن الحرب ضد قبائل الترارزة, وأخضع كلا من إمارات الولوف و كايور.
2ـ انتشار ألفلان في برنو:
أما في برنو فكانوا يستقرون حول بحيرة تشاد و كونوا مجموعات أطلق عليها عدد من المؤرخين اسم فلاته برنو ,وعاش علماء ألفلان يساهمون بجهودهم جنباً
إلي جنب مع علماء و سلاطين برنو طوال التاريخ المشترك بينهم ,ابتداء من القرن الحادي عشر.(ص34)
والجدير بالملاحظة أن ألفلان لم يقتصر تحركهم علي السودان الغربي و الأوسط بل تعدوه إلي ابعد من ذلك فانتشروا بين بلاد دارفور و البحر الأحمر, و قاموا بدور بارز في تعميق و ترسيخ سلطنة الفونج,وكان نشاطهم محدوداً في الاستشارة و الإدارة و الجيش,و عرفوا بتواجدهم المكثف في منطقة سعدون التي تقع جنوب دارفور مند القرن السادس عشر,كما عرفت حوس هجرة كبيرة من قبائل الفلان ما بين القرنين الخامس عشر و الثامن عشر انطلاقاً من ماسنة, التي أصبحت فيما بعد نقطة استقطاب للفلان الذين وفدوا من فوتة طورو التي أصبحت هي بدورها مكانا للهجرات في القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر فقد شهدت هذه الفترة انطلاق موجات جديدة للفلان نحو كل من: أدماور, باغرمي ولبتاغور تورودي و حوس و نرنو و زلزك و كب و غيرها.(ص36,37)
لقد تميز ألفلان بتفوقهم علي بقية القبائل في الميدان الثقافي, الأمر الذي جعلهم في مراكز مرموقة, ويعتبر هذا العنصر من الرعايا المعاندين الذين لا يمتثلون بسهولة للحكام المحليين, وقد أدي بهم إلي التعرض لسخط القادة و انتقامهم منهم عدة مرات.
إضافة للاستقرار الفلاني في المناطق سالفة الذكر فقد استقر جزء منهم في منطقة أداماوا, حيث أطلق عليهم فلاتة أداماوا نسبة إليها,وقد ظهرت قبائل ألفلان و أخذت تؤدي دوراَ مهماً في فترة مملكتي مالي و سنغاي,و قد اتخذت حكومة مالي الإسلامية أموراً احترازية من قبائل ألفلان بتشتيتهم في عدة ولايات في الإمبراطورية إلا إن قبائل ألفلان كانت أكثر نشاطاً و تحديداً بعد أن كونوا طبقات حاكمة موالية لهم ساعدت علي استقلال بعض الولايات منها ( كنتاكا) و تمركزهم في بلاد التكرور مكنهم من تكوين كيان سياسي طبع بطابعهم بأن أسسوا أسرة حاكمة في القرن الرابع عشر.
وفي إمبراطورية سنغاي سلكوا المنهج نفسه فقد أفاد الرحالة الألماني هنري بارث, أن العنصر الفلاني قد بدأ يبرز بوضوح خلال القرن السادس عشر,وبتحديد عام 1500 في إطار سنغاى مما جعل القادة يتخذون الحذر و الحيطة,ويعملون بكل ما في وسعهم على إبقائهم تحث مراقبتهم.(ص37,38)
فمن الواضح أن العنصر الفلاني كان غير قابل في الاندماج داخل المجتمعات التي يعيش بين ظهرانيها,فقد كانوا أكثر الناس تمسكاً بتقاليدهم و عاداتهم أينما توجهوا, وحيثما سكنوا و كانوا أكثر الناس اعتزازا بالنفس و تمسكاً بالكبرياء,أما عن حياتهم الاقتصادية فقد كان ديدنهم التجارة حيث كانوا يغرقون الأسواق بماشيتهم و سلعهم كالجلود و الصوف و ألزبده و اللحوم و غير ذلك.
أو يفرضون وجودهم بصفتهم علماء و فقهاء يأمرون بالمعروف و ينهون عن المكر, ولعل هذا ما كان يغضب الكثير من السلاطين فيضيقون عليهم و يستبعدونهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق