((4)) مقتطفات من كتاب ((
قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف
((أ.د الهادي المبروك الدالي ))
((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية
و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة
ونزريك الشاطئ وتكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و
طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و و
البراونة ))
ألفلان
يدخلون معترك الحياة السياسية في إطار امتلاك السلطة:
تفيد المصادر التاريخية أن ألفلان ظلوا يجوبون القارة الإفريقية طولا
و عرضا مند ألاف السنين,دون أن يتمكنوا من تأسيس سلطة سياسية مستقرة و السؤال الذي
يفرض نفسه هو: كيف تحول القرن الثامن عشر من رعاة متنقلين إلي قادة استطاعوا قيادة
أشهر الحركات الإصلاحية التي ظهرت في إفريقيا فيما وراء الصحراء؟ للإجابة عن هذا
الطرح, لابد من تتبع التطور التاريخي لأمة ألفلان,ثم الوقوف علي آليات امتلاك
السلطة عند شعوب ألفلان. ويمكن تقسيم ذلك إلي ثلاث فترات:
الفترة الأولى:
تميزت هذه الفترة في حوض السنغال بامتلاكهم الأراضي الزراعية, وكانت إرهاصات تكوين
الدولة و كان ذلك يتطلب منهم مواجهة رهانات منها:ـ
1ـ تأسيس الدولة يترتب علية قبل كل شئ تنظيم العلاقة مع المجتمع
القبلي و مجال تنقله, وهذا ما حدث في الفترة الأولى,سواء في منطقة حوض السنغال و
ماسنة,وذلك بنزول ألفلان بطريقة سلمية في أراض خصبة هذا من جهة أخرى مزاولتهم
للنشاط ألفلاحي, بالإضافة ألي نشاطهم الأصلي وهو تربية الماشية من بقر و أغنام و
تمخض عن هذا الازدهار الأسواق و تزويدها بمنتجاتهم ألفلاحيه , وأضحوا بعد ذلك قوة
اقتصادية يحسب لها حسابها في المنطقة.
2ـ انتقالهم من رعاة يأمرهم المزارعون بتربية الماشية إلي ملاك
للأراضي,وقد ترتب علية انتشار لهذه السلطة الناشئة,فظهرت أولى الكيانات السياسية
في المنطقة مع أسرتي لام تومس الدينيكية,فالظرف يتعلق إذن بنموذج أولى لامتلاك
السلطة لدى ألفلان,اعتمد في المراحل الأولى على آليات تقتصر على امتلاك المجال
الجغرافي من جهة,و امتلاك القوة الاقتصادية من جهة أخرى,هذه الآليات لم تكن في
مستوي المطلوب بالنسبة للفلان في الفترة الأولى, حيث نتج عن ذلك عدم اسمرار هذه
الكيانات السياسية لفترة طويلة مما جعل ألفلان يبحثون عن بدائل أخرى.
الفترة الثانية: في هذه الفترة واجه ألفلان
مشكل ظهور النخبة وهذا لا يتسنى لهم ألا من خلال ثلاث مراحل وهي:ـ
1ـ مدخل العلم:
تيقظ ألفلان ((الفلاتة)) مند زمن بعيد لحاجتهم إلي وطن أصلي يحتضنهم
وحاولوا الاستعداد لذلك, فاعتنقوا الدين الإسلامي و تكونت لديهم نخبة استطاعت أن
تتضلع في اللغة العربية و الفقه الإسلامي, و أخذت النخبة منها تمارس التدريس و
تعليم القران الكريم,و مكنهم ذلك من احتلال مناصب اجتماعية مرموقة داخل القارة
الإفريقية, فكان منهم القضاة و الأمناء و الأئمة و غير ذلك, ووصلت فيما بعد إلي
مصاف علماء استطاعوا استقطاب العامة إلي جانبهم و شق عصا الطاعة على الحكام
المحليين.(ص41)
2ـ مدخل النسب:
أيقظ النسب لدى قبائل ألفلان((الفلاتة)) وعيهم بأصولهم مما دفعهم إلي
البحث عن الهوية, فتخصص جزء منهم في الأنساب.
3ـ المدخل الصوفي:
أخذت هذه المرحلة اهتمام ألفلان ((الفلاتة)) بتأسيس المشروع الحضاري بشقية
الديني و السياسي علي أسس قوية,وتم الانتقال من العلم إلي التصوف, و التصوف يقتضي
وجود علاقة تجمع بين الشيخ و المريد لتصبح هده العلاقة, علاقة ولاء روحي أكثر منها
علاقة تعلم لكي يتمكن من خلالها الشيخ من تمرير مختلف أفكاره إلي مريديه كانتقاده
للحكام و الدعوة إلي إقامة الجهاد.
وفي هدا المضمار نشير إلي مسألة مهمة و مقدسة كمسالة البركات و
الكرامات و الولاية التي التصقت بالفلان كما أفاد بذلك عبد الرحم السعدي(كتاب
تاريخ السودان) و نلمسه جليا في القرن التاسع عشر بداية من الفترة الشيخ عثمان بن
فودي بإعطاء هالة للطريقة القادرية, في بلاد الهوسا,ومع الحاج عمر في حوض السنغال
باعتماده علي الطريقة التيجانية الواسعة الانتشار,و الشيخ احمدو في ماسنة باعتماده
الطريقة القادرية.(ص42)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق