(( 1 )) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))
((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة و تكركيبة و الرقيبة)) وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البروانة))
بدية الاقتباس
أدي ألفلان دوراً كبيرا في مجال نشر الدعوة الإسلامية في غرب إفريقيا , مما جعلهم من أهم الشعوب الأفريقية التي تركت أثراً واضحاً في تاريخ القارة و حضارتها, هدا الدور هو الذي خلد اسمهم أكثر من غيرهم من القبائل التي تجاورهم (ص 2).
أن ألفلان يشكلون أكبر تجمع في غرب أفريقيا ويمتازون بحركتهم الدائمة مما يجعل موطنهم و معرفة أعدادهم بدقة أمراً في غاية الصعوبة,وهم يعتبرون في جل دول القارة مواطنين نشطين لهم ثقلهم السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي,أن أعدادهم الهائلة التي تصل تقريباً ألي أربعين مليون نسمة ينتشرون في أكثر من خمسة و عشرين دولة أفريقية ليست بألا مر الهين(ص 4).
التواجد الجغرافي:
ينتشر الشعب الفلاني بصورة مكثفة علي امتداد إقليم السافانا من المحيط الأطلسي غرباً ألي إثيوبيا علي سواحل البحر الأحمر شرقاً ومن منطقة شبه الصحراء شمالاً ألي المنطقة الاستوائية جنوباَ (ص 9).
جذور التسمية:
أثيرت مسألة الفولانيين منذ أوائل القرن الثامن عشر ووصولاً ألي القرن العشرين, من قبل عدد من الباحثين الأوربيين, منهم كلابرتون الذي ألف كتاباً عنهم عام 1829م و الذي يقول فيه : أن أسمهم هو فلأنس و يسمونهم خطأ فلآلة, ثم جاء دافزاك الذي ألف كتاباً عام 1829م أورد فيه أن الفولانيين يطلقون علي أنفسهم أسم فلأنس، وجاء الرحالة الالماني بارث الذي وصل ألي مضارب خيام الفلات و حاول أن يصل الي أصل التسمية, فتحدث في الفصل الخامس من رحلته عت الأهمية السياسية للفلب, و في الفصل السابع تناول مملكة البرلو في ماسنة, وهذه الكيانات السياسية, التي اسسها نفس العنصر الفولاني, وانطلاقاً من هذا يتضح أن بارث لم يضبط جيداً موضوع الفلان.
وقد جاء الباحث طوكسي بمحاولة لتصحيح من سبقه في تسمية ألفلان من خلال كتابه "عادت و تاريخ ألفلان" الذي ألفه عام 1937م إلا انه هو الأخر وقع في المحظور نفسه(ص11).
و الجدير بالملاحظة أن المصادر العربية قد تعرضت للفولان بذكر و الإشارة مند المقريزي (1442) و عبد الرحمن السعدي صاحب تاريخ السودان الذي تطرق إليهم في كتابه تاريخ السودان1667م , و عرفت القبائل الفولانية عند أبناء السودان بعدة تسميات وصلت ألي ما يزيد عن مائة و احد عشر اسماً,حيت يطلق عليهم شعب الماندك لفظ فولبة أو فولة, و يناديهم أهل حوس, بالفلاني, وقبائل التيبو و التيدا و الكانوري, يطلقون عليهم الفلاتا أو الفلالا, و يسميهم أهالي السنغال بالبولو أو بولار, وقبائل الولوف يطلقون علية بول,أما أهل برنو فينادوهم بالفلاطى, ويسمي الفولانيون بلغة اليوربا و ايبوني فولاني, أي بمعني قوم جاءوا من وراء البحار,و تسميهم قبائل الموسي سلميز أ سلمسي , كما يطلق عليهم أهل غامبيا و سيرليون اسم فيلا, أما أهل كورور فيسمونهم أبط و معناها أبيض و ترد تسمية الفولانيين بألفاظ مختلفة في المصادر العربية, و الإفريقية فيطلق عليهم تارة فلاته و تارة ألفلان أو الفل أو الفلالة.
كما يري موسى كمارة المورخ الإفريقي, أن أصل لفظة الفلان هي الفلاح, فلما طال تداول الألسن للكلمة استبدلت, الحاء نوناً لحناً, أما العالم عبد الله بن فودي فأنه انتحى منحى آخر مفاده أن لفظة فلاته مشتقة من فعل فلت في اللغة العربية, أي نجا ينجو و لهذا ولهذا السبب كان اسمهم فلاتيون.
و هناك رأس, وهو الاقرب ألي الصواب من غيرة من الاراء و الاكثر منطقية وهو أن أسم الفلان جاء من تحريفاُ للعدد الفان من الجند تركهم عقبة بن نافع في افريقيا, أبان الفتح الاسلامي للمنطقة الذي وصل بجيشه إلي كل السوق علي ضفاف نهر النيجر و حرفت ألفان ألي ما يعرف اليوم بالفلان(ص13,11).
أصولهم :
وقد تضاربت الآراء بين موضوعية علمية, و آخري إيديولوجية معينة كثير من الصفات التي تحملها قبائل ألفلان شدت انتباه عدد من الباحثين و جعلتهم يطرحون عدة تساؤلات عن أصولهم, هل هم من أفريقيا أم إنهم هاجروا إليها من أماكن أخرى و حافظوا علي خصائصهم وقد تضاربت الآراء بين موضوعية. الأول : رأي الأصل الإفريقي, و الثاني الأصل غير الإفريقي.
الأول : رأي الأصل الإفريقي: أفاد "موليان" الذي كان علي قيد الحياة عام 1818م بأن أصل ألفلان حامي, بعد أن لاحظ تقارباً في العادات و الأوصاف بين الفولانيين و النوبيين, أما الرحالة "بإرث" فقد ذكر بأنهم أتوا من شرق أفريقيا, و أقاموا في شمالها قبل الهجرة الغربية الأولي, ثم انحدروا عبر المغرب الأقصى عام 150ق.م ووصلوا الي حوض السنغال ونزلوا منطقة فوتا تورو .
كما ارجع "ميك" أصل قبائل ألفلان ألي قدماء الليبيين, و يرى "هوكبن" أن الفولانيين جاءوا من شرق أفريقيا إلي مصر و منها اتجهوا نحو المغرب, واضطروا إلي تركه تحت ضغط بني أمية القادمين من الجنوب,ألي أن استقر بهم المقام في فوتا جالون,ومنها ألي ديار قبائل الهوسا خلال القرن الثاني عشر.
أما "هنويك" فقد أفاد أنهم كانوا في غابر الأزمان يتنقلون بين المحيط الأطلسي و نهر النيجر, ولذلك كانوا من الأوائل الذين وصلت أليهم الدعوة الإسلامية عندا مرور تجار ليبيا و المغرب بهم في القرن العاشر....
الثاني الأصل غير الإفريقي: لقد انتقد عدد من الباحثين الأفارقة بشدة آراء العلماء و الباحثين الأوربيين, الذي يحاولون البحث في أصول الفولانيين غير الأفارقة,و اعتبروها أطروحات خيالية تخدم مصالح إيديولوجية أكثر من اعتمادها علي حجج علمية و من هؤلاء الباحثين: الشيخ "عمر كاني", الذي رفض النظرية التي تقول: بالأصل السامي للفولانيين مؤكد أنهم استوطنوا الصحراء الإفريقية مند 2000سنة قبل الميلاد, و بالتحديد من منطقة تاكانت و أدرار.
وتعد الدراسة التي قام بها "موسي لام" حول ألفلان والتي اثبت فيها أطروحة الشيخ "أنت ديوب" التي تقول: بالأصل الليبي القديم للفولانيين, وقد انتقد بشدة آراء الأوربيين و خاصة "جيلبير فيلر" الذي اعتبره يلخص الفكر الاستعماري الأبوي.
مؤرخي الفوالان: أما جل المؤرخين الفولانيين فأنهم يتفقون علي رأي موحد بأن أصلهم عربي, ويرجعون ألي الفاتح العربي عقبة بن نافع الفهري الذي ترك ألفي عسكري علي ضفاف نهر النيجر و قد تزاوج الألفان مع السكان الأصليين و حرفت ألفان ألي أن وصلت ما يعرف بالفلان...
ويقول عبد الله بن فودي في إحدى قصائده:
وعقبة جد الفولانيين من عرب ومن توردب كانت أمهم بجمنع
قال توماس ارنولد: في كتاب ((الدعوة إلي الإسلام)) ترجمة حسن إبراهيم حسن و عبد المجيد عابدين /مصر(ب- ت)ص361-362.
((أنهم يعيشون في عشائر, ذوو طبيعة هادئة, لأنهم تعلموا جيداً ماهو عدل و ماهو حق)).
وصفهم الباحث سلجمان: في كتاب (( السلالات البشرية في افريقيا )) ترجمة يوسف خليل , /القاهرة1959(ص110).
(( بأنهم: محافظون بطبعهم شديدو الريبة و الشك في الاجنبي)).
نظام الحكم لدي قبائل ألفلان :
الأمير: لكل قبيلة من قبائل ألفلان أمير يسير شؤونها في المنطقة ويعتبر السلطة العليا, وله حق القرار في السلم و الحرب.
الشيخ: كان لكل فخد من أفخاذ ألفلان شيخ يأتمرون بأمره, وهو المسئول عن حفظ الأمن و فض المنازعات.
الأمام: منصب روحي رفيع عند قبائل ألفلان, و الذي يتولي هذا المنصب يشترط فيه أن يكون حافظاً للقران الكريم, وله نصيب وافر في اللغة العربية و الفقه وللإمام مهمة تحفيظ أبناء قبيلته القران الكريم و تعليمهم تعاليم الدين الإسلامي, و إليه المرجعية في المسائل التي تشتكل عليهم.
والعنصر العرفي و العنصر القبلي, إذ أن ميلاد الفرد هو الذي يوجه مكانته الاجتماعية , وهذا يدل على أن الفرد في مجتمعات الفلانية لا يتزوج ألا من الطبقة الاجتماعية التي تنظره, بغض النظر عن ثرائه و علمه و مركزه.
أما العنصر القبلي فهو القاسم الذي يفرض على ألفلان معرفة تسلسل نسبه الذي يصل به إلي الوقوف على جده الأول, و بذلك يحق له استعمال احد الألقاب التي كان يدعي بها الجد الأكبر و يتوارثها الأبناء و الأحفاد, ويطلق على هده الألقاب باللغة الفولانية بتوري.
(( وقد تهجم عليهم عدد من مؤرخي الغرب من بينهم الأمريكي Meekc K" " الذي قال عنهم " بأنهم كالقطط تتسلل في هدوء لتنقض فجأة" وهذا الوصف يدل علي أن قبائل ألفلان قارعت المستعمر و أذاقته الويلات, ولذلك نعتوهم بهذه النعوت)).
و تكاد الآراء التي تمكنت من الاطلاع عليها تجمع علي تميز ألفلان عن باقي القبائل الإفريقية بالثقة في النفس, و الشجاعة و الذكاء و كثرة الترحال .
وينقسم ألفلان إلي أربعة طبقات مختلفة تختلف كل واحدة عن الأخرى وهي:ـ
أولا: طبقة ريمبي : أي الأحرار أو السادة و تضم الملوك و يليهم العلماء.
وتمثل هذه الطبقة قمة هرم الشريف في المجتمع الفلاني, و يتفاخر كل من ينضوي تحت لواء هذه الطبقة, لان لديهم مزايا معينة , منها أن يتولي أصحاب هذه الطبقة الزعامة في مجتمعاتهم وقت السلم و الحرب, ولهم حق التصرف في الأراضي الزراعية و المواشي و امتلاكها, ومن مهامهم في مجتمعهم فض المنازعات بين الأهالي و تسيير الشؤون الإدارية العامة لرعاياهم.
ثانيا: طبقة جاومبي: تأتي في السلم الطبقي الاجتماعي بعد طبقة ريمبي, والمنتسبون إليها هم ايظاً أحرار ,إلا أنهم اقل درجة من الطبقة الأولي, والسبب راجع إلي انتماءهم للعرق الفلاني من جهة الأم فقط دون الأب.
ثالثًا: طبقة سبي: يمثلون الدرجة الثالثة في السلم الطبقي للمجتمع الفلاني فهم يمتهنون حرفة صيد الأسماك و التجارة.
رابعًا: طبقة نيابي:وهي طبقة العبيد و تنقسم إلي فئتين:ــ
1ــ أصحاب الحرف و المهن الموروثة وهم: الحدادون و الدباغون و النحاتون والقصابون و النساجون.
2ــ أصحاب الحرف الغناء و المدح و عازفي القيثارات و الآلات الموسيقية الأخرى, ويدعون بأسماء مختلفة حسب نوع الغناء و يعرفون " بمابوبي " و ينقسمون إلي ثلاث فئات:
فئة غولو : و يرتبط أعضاؤها في اغلب الأحيان بسلسلة الأنساب و صار لكل عشيرة غولو يمدحها أمام القبائل الأخرى.
فئة بامباطو : و يقصد بها الحمل علي الظهر وهذه الفئة تختص بالغناء و الشعر و مدح الأبطال في ساحات المعارك و لديها آلة موسيقية خاصة تعرف بهوددو.
فئة جاروتوطو : وهم الشعراء الذين يقرضون الشعر الديني وقد قدمت هذه الفئة ألي الدين الإسلامي و الثقافة العربية خدمة جليلة,في الفقه و العبادات حيث صاغت أشعاراً أسهمت في نشر الدين الإسلامي في أفريقيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق