الجرمنت
هم شعب قديم عاصروا الفراعنة والفينيقيين ... تأصلهم المصادر التاريخية بأنهم
الليبيون القدماء وهم الفزازنة الأصليين الذين سكنوا أقاليم فزان... وتذكر المصادر
التاريخية بأنهم سمر البشرة يتصفون بالبطولة والشجاعة والحكمة وقوة الشكيمة.
وقد
اسسوا حضارة حكمت أقاليم فزان عدة قرون من عاصمتهم جرمة التي مازالت اثارها باقية
الي يومنا هذا في وادي الآجال... وتذكر المصادر التاريخية بأن لهم العديد من
الاتصالات العلاقات التجارية المتبادلة مع دولة الفراعنة في وادي النيل عبر
طريقتين ذكرهما المؤرخ اليوناني (هيرو درت) فالأولى كانت عن طريق الفيوم...
والثانية عبر واحات الداخلة والكفرة وواو ...كما ان الجرمنت كانت لهم علاقات
تجارية مع الفينيقيين على الساحل الافريقي والقرطاجي في حين كانت علاقاتهم معادية
مع الرومان.
وتذكر
المصادر التاريخية بأن الجرمنتيين قد شاركوا في حروب أويا ولبدة حين استنجدت بهم
أويا في حربها علي لبدة بين سنتي 24-17 قبل الميلاد... كما صد الجرمنتيين حملتان
للرومان لاحتلال فزان الاولى كانت في سنة 19 قبل الميلاد والثانية سنة 37 ميلادية.
وتذكر
المصادر التاريخية بأن حكم الجرمنت لفزان قد استمر حتى الفتح الاسلامي في منتصف
القرن السابع الميلادي الذي تم بحملتين اسلاميتين ... الاولى بقيادة (عقبة بن نافع
الفهري) والثانية بقيادة (بشر بن ابي ارطاة) حيث فتح عقبة بن نافع مدينة زويلة سنة
23هجرية و قاد بشر بن ابى أرطاة حملة فتح بها ودان ... ليعود بعد ذلك أي (عقبة بن
نافع الفهري) ليقود حملة تمكن من خلالها من فتح جرمة.
عندها دخل الحكم الاسلامي الى
كامل منطقة فزان لتتمكن اسرة ابن الخطاب من بداية القرن العاشر من حكم فزان بقيادة
عبد الله بن الخطاب ... الذي اسس فيها ما يعرف بدولة بن الخطاب واتخذ زويلة عاصمة
لهم.
وذكر ياقوت الحموي في كتابه
معجم البلدان... في أوائل القرن 13م (( فَزانُ: بفتح أوله وتشديد ثانيه وآخره نون،
ولاية واسعة بين الفيوم وطرابلس الغرب، وهي في الإقليم الأول، وعرضه إحدى وعشرون
درجة، قيل: سمّيت بفَزان بن حام بن
نوح ، بها نخل كثير وتمر كثير... ومدينتها زَويلة السُودان... والغالب على ألوان
أهلها السواد... )) في إشارة إلى أغلب السكان الذين كانوا يقطنون بالمنطقة آنذاك.
وذكر ابن خلدون (1332 -1406م)،
في كتابه العبر ((ثم فزان وودان قبلة طرابلس، قصور متعددة ذات نخل وأنهار، وهي أول
ما افتتح المسلمون من أرض أفريقية، لما أغزاها عمر بن الخطاب، عمرو بن العاص، ثم
الواحات قبلة برقة، ذكرها المسعودي في كتابة، وما وراء هذه كلها في جهة الجنوب.
يذكر الادريسي أنه في مطلع القرن العاشر الميلادي أسس عبد الله بن
الخطاب من قبيلة هوارة مدينة زويلة ،، وجعلها عاصمة فزان الواقعة في ظل حكمه
وقطنها في العام (32هـ/ 968م).
وذكر في كتاب (الدواخل الليبية في مجموعة دراسات للرحالة
الالماني غوتلوف آدولف كراوزة) ترجمة ((د/ عماد الدين غانم)) في صفحة ان قرقوش
و مملكته التي انشائها في ودان و التي كانت متزامنة تاريخياً مع وجود صلاح
الدين الايوبي في القرن الثاني عشر ميلادي ((12 /م)) ... وانهم قضوا علية في ودان
.
في ذلك الوقت وتزامناً مع تلك الأحداث التي استمرت بعودة ابن قرقوش
الاخر الي ودان كانت هناك مملكة اخري في الجنوب الليبي ((فزان)) تسمي مملكة كانم
قام ملكها و يدعي ((ماي)) دونية ديلامي بتوسيع مملكته فهاجم مملكة قرقوش في ودان و
قتلة و قطع راسه وارسله الي عاصمة كانم ليعرض امام الشعب ...كان ذلك في منتصف
القرن الثاني عشر ميلادي((12القرن /م)).
ويذكر في كتاب ((عناصر السكان في إقليمي برقة وطرابلس )من ق 5 هـ7 - هـ)) في الصفحة ((418)) ما يلي:
ويذكر ابن فضل الله العمري تفصيلاً دقيقًا لعديد من قبائل بني سُليم التي دخلت برقة وطرابلس، وانتشرت انتشارًا كبيرًا في مختلف مدن وقرى الإقليمين ... ((الي ان يصل في سردة فيقول))... (( ومن القبلة أرض فزان وودان وحكمها لأرض البرنو السودان)) ومسافة ما بين بئر السدرة وبين مسراته عشرة أيام، ومنهم من أرض مسراته بلاد طرابلس آل سليمان جماعة غانم بن زايد، ولهم الأرض من مسراته إلى باب مدينة طرابلس ( 5).
ــ في الصفحة ((421)) ما يلي: وبنو عقبة، وهم بأفريقية من بلاد المغرب، منهم بقية بنواحي طرابلس(4).
الخلاصة:
ــ أن في تلك الفترة التاريخية من القرن الخامس والسادس والسابع
ميلادي... تفصيل السيطرة علي الارض في منطقة فزان الممتدة من منطقة ((الجفرة
حالياً)) من بلدة ودان و كامل فزان الي السودان كانت تحت سيطرة قبيلة البرنو ...
يعني ذلك ان السيطرة كانت (لقبيلة البرنو واحلافهم).
بعد
سقوط دولة بني الخطاب خلال القرن الحادي عشر ميلادي، كانت فزان جزءاً من
إمبراطورية برنو/ كانم، التي كانت تمتد على مساحة تشمل وفق التقسيم الجغرافي
الحالي، دول تشاد ونيجيريا وشرق النيجر وشمال شرق نيجيريا وشمال الكاميرون.
ثم
سيطرت علي فزان دولة الخرمان وهي احدى قبائل فزان في وادي الآجال واستقلوا بالحكم
عن مملكة كانم واتخذوا من جرمة عاصمة لهم، ثم بسطوا نفودهم على كامل اقليم فزان من
واو شرقا حتى سوكنه شمالا ولكن بسبب ضعف دولة الخرمان التي لم تستمر طويلا نتيجة
صراعهم مع البراونة الامر الذي اصبحت فزان في حالة عدم الاستقرار السياسي والامني.
حيت
تمكن البراونة من السيطرة علي الامر مرة اخري الا ان حالة عدم الاستقرار السياسي والامني
استمر... الذي مهد الطريق الى ظهور حكم اسرة أولاد أمحمد بن فاسي الذين اسسوا دولة
أولاد أمحمد في فزان سنة 1550م الى سنة 1824م واتخذوا مرزق عاصمة لهم.
تشكلت دولة أولاد امحمد في سنة
985هجرية بدأت المحاولات الاتراك السيطرة علي فزان غير ان حكم الترك لفزان لم يدم
طويلا حيث ثار أهل فزان عليهم واعادوا حكم اولاد امحمد...واستمرت محاولاتهم
للسيطرة علي فزان ... واستمر حكمها حتى عام 1824م ...الي عهد السلطان محمد الناصر
وهو أخر من حكم فزان من اسرة أولاد أمحمد الفاسي بعد حملة يوسف باشا للقضاء عليهم...
حيت سيطر عليها العثمانيون القادمون من الشمال بعد حروب عدة وهكذا احتفظت تركيا
بحكم فزان الى دخول الغزو الإيطالي لليبيا .
وفي عام 1911، احتلت فزان من
قبل إيطاليا، إلا أن سيطرتها على المنطقة لم تكن مستقرة حتى عام 1923، حين صعدت
الفاشية إلى الحكم في إيطاليا، اكتملت السيطرة الايطالية علي فزان.
وبعد الحرب العالمية الثانية،
وخسارة ايطاليا الحرب قامت الحلفاء بزحف علي ليبيا لطرد الطليان منها ... فزحفت
القوات البريطانية مع المجندين الليبيين المهجرين في مصر بقيادة إدريس السنوسي
الذي منح جائزة ملك المملكة الليبية المتحدة علي شمال ليبيا الي طرابلس ... وقامت قوات
فرنسا الحرة بزحف مع المجندين الليبيين المهجرين في تشاد ومالي والنيجر بقيادة سيف
النصر الذي منحه الفرنسيين جائزة المندوب المحلي لحكم فزان ... قامت بطرد بقايا القوات
الإيطالية، واحتلال مرزق في فزان في 16 يناير 1943، وظلت المنطقة تحت السيطرة
العسكرية الفرنسية حتى 1951، عندما أصبحت ولاية فزان بعد ذلك جزءاً من المملكة
الليبية المتحدة، بعد استفتاء أجراه أبناء فزان.
وعلى إثره، أعلن الملك إدريس
السنوسي المملكة الليبية المتحدة، كنظام فيدرالي في 24 ديسمبر 1951، ومنذ ذلك
التاريخ، تولت أسرة سيف النصر حكم الإقليم، فتحول مركز العاصمة من مرزق إلى سبها،
واستمر الوضع إلى عام 1963، عندما تم إلغاء النظام الفيدرالي.
واخيرا:
لا
ننسى المجاهدين الليبيين الشرفاء من الفزازنة الذين يحاولوا اعوان الاستعمار الذين
بدلوا استعمار باستعمار طمس تاريخهم المشرف في مقارعة الاستعمار التركي والاستعمار
الايطالي... وليس ادل علي ذلك بأن المصادر التاريخية تذكر بأن من ابطال الجهاد ضد
الاستعمار التركي منهم ((لكري بن عبد الكريم بن لكري)) و((عبدو بن محمد بن الفلان))
قاد الجند في ملطم قصر بن عنكب...... و((منجو بن محمد بن منجو بن محمد الصالح بن
علي بن منجو)) و ((عبد المعاطي بن عبد العاطي بن عبدو الفلاني)) معركة وادي السيل.
وان اخر
معركة ضد الاستعمار الحديث في ليبيا كانت ضد الاستعمار الفرنسي بمنطقة فزان قادها
المجاهد عبد القادر الفجيجي وهي معركة السيف بالقاهرة سبها.
((سلامًا على من
مرّ صدفة وستغفر... فزادني حسنة وزادت حسناته... وخفف ذنبي وخففت ذنبه)).
واستغفر
الله ... استغفر الله ... استغفر الله عن أي خطاء أو أفكار أو
كتابات ضد سننك أو تشكك في اعتقادي بوحدانيتك استغفر الله ... استغفر الله ...
استغفر الله واثوب اليه.