أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 11 أبريل 2020

القبيلة وبين الانتماء الحداثة

القبيلة جمعها قبائل :هي جماعة من الاشخاص او الناس الذين ينتسبون او ينتمون إلى نسب واحد أو جد أعلى أو اسم لحلف قبلي بمثابة الجد الأعلى، وتتكون القبيلة الواحدة من عدة عشائر وبطون.

وقد حدد علماء الاجتماع عدة شروط لقيام القبيلة هما:
1ـ الاستقرار في بقعة جغرافية محددة.
2ـ وجود عاطفة تجمع أفراد القبيلة على مبادئ محددة.
3ـ عادةً يتحدثون لهجة مميزة خاصة بهم.
4ـ لهم ثقافة متجانسة ضد المحيط الخارجي.
5ـ لهم الثقة المطلقة في مشايخهم في تولي القضاة والمحاكم القبلية للفصل بين افراد القبيلة في فض النزاعات وإصلاح ذات البين بعد اللجوء إلى الزعماء والوجهاء.

تنصب هذه القوانين في مجملها في الحفاظ على مقومات الشرف الثلاثة... وهي (( العرض، والدم، والمال)).
وتضمن القبيلة التكاتف والتعاضد بين أفرادها وتوثيق صلة الرحم والالتزام بالقيم الاجتماعية النبيلة... و الحفاظ على علاقات جيدة مع القبائل الأخرى وقد جاء الدين الإسلامي الحنيف للناس كافة موحداً إياهم على كلمة واحدة، نابذاً بذلك كل ما خلفته الجاهلية من تعصب عرقي أو جنسي أو قومي ... لبناء مجتمع إسلامي متكامل لا قبيلة فقط، وقال تعالى في كتابه العزيز: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ))... وقال عن العشيرة وجمعها عشائر وهي مجموعة من الناس داخل القبيلة تتكون من الاقارب في قبيلته...حيث قال الله سبحانه وتعالى مخاطباً النبي محمد ((صل الله عليه و سلم)) بقوله (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين))

وقال النبي ((صل الله عليه و سلم)) في إحدى خطبه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى...) صحيح.

وتقوم العلاقة الاجتماعية في الدين الاسلامي على التعارف بين القبائل، بالتمايز والتسابق في الأخلاق الحسنة، والصفات الطيبة، وفي تقوى الله تعالى وفي تطبيق تلك القيم، والتقاليد، والعادات، والأعراف...وليس بالتمايز بينها بتفاخر بالاسم، والنسب و الحسب ... كما يجب أن يكون الهدف من هذ التعارف بين القبائل هو التعاون على البر والتقوي ... حيث يقول الله تعالى: ((وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

و لأهمية القبيلة كجزء أساسي من بناء المجتمع يجب أن نحافظ عليه، وأن اغلب مجتمعنا العربي والاسلامي مجتمع قبلي وستظل القبيلة هي أساس تركيبته الاجتماعية... في كل عصر وحين وخصوصا في عصرنا الحديث وكيفية تفعيل دور القبيلة وتطويره ليساهم في تنمية المجتمع.... في حين يرى آخرون أن القبيلة تتعارض مع الوطنية، وأن الإسلام جاء لينهى عن التعصب القبلي، وأن الإنسان يجب أن يقيم لذاته لا لقبيلته، وأنه يجب أن نلغي مفهوم القبيلة من قاموسنا اللغوي. ومع أن القرآن قد اعترف بوجود القبائل ...و بنظر الي النسبية الثقافية... وأنه لا يحق لأحد أن يقرر للآخرين حياتهم وما يجب أن يفعلوه، فالصح والخطأ نسبي، وما يعتبر صواباً في مجتمع قد يعتبر خطأ في مجتمع آخر، وما هو مرفوض اليوم قد يصبح مقبولاً غداً... بمعنى أن القيم تختلف باختلاف الزمان والمكان... لذا فإن أهم مبدأ يجب أن نطبقه في حياتنا هو احترام قيم وآراء الآخرين.

للعلم اعرف إنه من الصعب أن نعيد للقبيلة مكانتها التي كانت عليها، ذلك لآنه اختلفت المفاهيم و الافكار والحداثة واختلف الزمان والمكان واختلفت وظائف القبيلة لعدة اسباب منها ((إن الجزء الذي لا يستخدم يضعف ثم يفنى ويزول)) فنحن إذا لم نستخدم عضلاتنا ستضعف، وإذا لم نستخدم عقولنا ستصدأ وهكذا... ونفس القاعدة تنطبق على القبيلة.

فتقلص وظائف القبيلة أفقدها الكثير من أهميتها لدى الأفراد و المجتمعات و الدول ، ففي الدول الحديثة اصبحت القبيلة مجرد قيمة اجتماعية فقط ... ويمكن لهذه القيمة أن تتغير إذا ما تغيرت القيم المتصلة بها وإذا ما أحس الفرد بعدم أهميتها من الناحية الاجتماعية...وبأنها أصبحت عائقاً له عن ممارسة حياته بشكل طبيعي... عند ذلك يمكن أن تنتهي القبيلة.
و من الظواهر السلبية هو الخطر يظهر عندما يضع الفرد المصلحة القبلية قبل مصلحة الوطن ويكون القتل على الهوية المذهبية أو القبلية مع الأسف الشديد، أو عندما تؤدي نصرة القبيلة إلى ظلم للآخرين، فالعصبية ليست عيباً ولكن الظلم هو العيب، عند ذلك يدق ناقوس الخطر، فالوطن أولاً والوطن آخراً.

وهنا اقتبس تحليل عجبني من بحث علمي في الانترنيت:
(( لا تختلفِ العصبيَّاتُ القبَليَّةُ الحديثةُ عن النَّمطِ الجاهليِّ في الحَمِيَّةِ والانتماء، وما زالت توجِّهُ تفكيرَ الإنسانِ في العالَمَيْنِ العربيِّ والإسلاميِّ، وتستنفذُ طاقاتِه وممتلكاتِه لتقديمِ أغلى ممتلكاتِه، وهي تتنافسُ لنصب أصنامِها البشريَّةِ في المناصب السِّياسية والإداريَّةِ في المجالس البلدية والنِّيابيَّة.

وحين استبدل الإنسانُ القاطنُ في الأقطارِ العربيَّة والإسلاميَّة مؤسَّساتِ العشيرة والقبيلةِ بالتَّنظيماتِ الحزبيَّةِ والمهنيَّةِ لَم يكنْ هذا الاستبدالُ إلا على المظاهرِ الخارجيَّةِ المتمثِّلةِ بالشِّعاراتِ والأسماء، أمَّا المحتوى فقد بقِي"عصبيات قبلية"، أو"عرقية"، أو"دينية"، أو"حزبية".. وهكذا، ولذلك انساحت أفكارُ الأحزابِ في أواني العصبيات القبَليَّة.

((ولذلك؛ فإنَّ أول ما تحتاجه المجتمعَاتُ العربيَّةُ والإسلاميَّةُ للتطور ... ليس محاربةَ القبيلةِ أو العشيرة؛ وإنما تزكية ثقافاتِها ))

و توجد ظاهرةٍ حديثة أفرزَتْها سياساتُ العولمة الغربية الحديثة، هذه الظَّاهرة:
(( هي تحدِّي دولِ شرق آسيا، وعلى رأسِها ماليزيا وإندونيسيا، حيث نجحت تلك الدُّوَلُ في حفظ أسواقِها ونشاطاتِها الاقتصادية من التلاعب الذي كان يمارسُه كهنةُ العَوْلَمة الحديثةِ، ورؤوس دولِها، والبنك الدولي، والمؤسَّسة الاقتصادية الدولية، فقد فشِلت سياساتُ هذه المؤسَّسات في النَّيْلِ من صلابةِ دولِ شرق آسيا وتنفيذ سياسات العولمة فيها)).

لقد أخذ المحلِّلون الاقتصاديون في الغرب الأمريكي والأوروبي، ولَخَّصوا السببَ في ما أسمَوْه(( دخول العائلة الممتدة)) على ميادين النَّشاطِ الاقتصادي الحديثِ، وحلَّت محلَّ الشَّركاتِ الأجنبيَّة، والواقع أنَّها كانت قبائل، حيث أسندت الدولةُ إلى كلِّ قبيلةٍ صناعةً من الصِّناعاتِ، كصناعةِ السَّيَّارات وغيرِها من التِّقنيَّات الحديثة، واختصَّت كلُّ قبيلةٍ بقسمٍ يميِّزُها عن غيرِها، واستعملت أعضاءَها ليقوموا بدَوْرِ العُمَّال في المصانع المذكورة.

(( والواقع أنَّ هذا هو تطبيقٌ حديثٌ يمكِنُ نشرُه في كافَّةِ العالَم الإسلاميٍّ، بدلاً من إلهاء القبائلِ بالنِّزاعات الحديثةِ، والتَّنافُس بإلقاء الأشعارِ، وغير ذلك من العصبيَّاتِ، فيمكِنُ أنْ تستغلَّ القبائلُ العربيَّةُ والإسلاميَّةُ، وتتوزَّعَ بينها ميادينُ النُّموِّ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، وبذلك تعودُ القبيلةُ لحمل مسؤولياتِها لمعالجةِ مشاكلِ الفقرِ والفسادِ، وتقوم بأداء دورِها في التعاون على البر والتَّقوى))... انتهاء الاقتباس.

استغفر الله .. و استغفر الله عن أي خطاء أو أفكار أو كتابات ضد سننك أو تشكك في اعتقادي بوحدانيتك ... استغفر الله ... استغفر الله ... استغفر الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق