أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يناير 2018

(( 5)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية)) تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

(( 5)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))
((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة ونزريك الشاطئ و تكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البراونة ))
اثر الإسلام و اللغة العربية في اللغة الفلانية:
عندما دخل الإسلام القارة الإفريقية وجد أداناً صاغية له قبل أن يجدها في خارج مكة وفي الشعاب التي بداخلها,ونقصد بذلك هجرة أصحاب رسول الله صلى الله علية و سلم إلي الحبشة, فمنذ ذلك التاريخ صار الإسلام و لغته العربية التي نزل بها يتجسدان في وجدان و عواطف العديد من المجتمعات الإفريقية.
وبذلك أثرت على لغات الشعوب الإفريقية, وثقافتها و عادتها و تقاليدها على مر العصور, فانتهى بذلك تطوير العديد من اللغات و الرقي بها ألي مصاف اللغات المكتوبة ومن بينها اللغة الفلانية التي صارت أداة لنشر الإسلام و ترسيخ مبادئه و مفاهيمه وسط قاعدة العريضة من المجتمعات الإفريقية,ووسط المجموعات اللغوية الصغيرة المحاذية لهم, وقد عملت اللغة العربية على تنمية و تغذية اللغة الفلانية بالألفاظ عن طريق الاقتراض,و المفاهيم بواسطة الاطلاع و التبحر في الدين الإسلامي,وتطورت آدابها بما تزودت من الأدب العربي.
كما أعطت اللغة العربية اللغة الفلانية الحرف العربي فرسمت بها أصواتها, وأهلتها كفاية أدائها التي يتداولها ألفلان كما تداولها غيرهم من شعوب العالم,و يتضح ذلك فيما سطروا بها من مخطوطات ووثائق مختلفة بهذه اللغة,فضلاً هما سجلوه فيها باللغة العربية, واستمرت عنايتهم بالخط العربي واعتمادهم علية الي ما قبل عهد الاستعمار.
انتماؤها اللغوي و خصائصها:
تنتمي اللغة الفلانية إلي فصائل اللغات الأطلسية الغربية وهي من عائلة لغات النيجر الكردفانية, و يطلق عليها في النيجر و مالي و بوركينا فاسو و نيجيريا والكاميرون و تشاد (فولفلدى) وكما تسمى (بولار) في كل من السنغال و غينيا و غامبيا و موريتانيا.
ومن ابرز مظاهر اللغة الفلانية نظام التقليب المنتظم للصوامت عند ذكر الأسماء أو تصغيرها و تكبيرها, كما تتميز بتراتبية الأفعال حيت تتول الأصوات الانفجارية إلي احتكاكية أو العكس, وكذلك تنتقل الصوامت الفموية إلي الانفموية مثل كلمة: هورس بمعنى الرأس عند جمعها تتحول إلي كو.
و يمكن أن نوجز أهم مظاهر و خصائصها في الأتي:
1ـ أن اللغة الفلانية تعبر عن الوظائف النحوية بوضع مورفيمات, فكلمة "أنا" في اللغة الفلانية"من",وإذا أردنا أن نقول "نحن" نضيف نوناً آخر بين الميم و النون,نقول " منن" وكذلك في الفعل مثل : "فعلت" منطي, أذا قلت "فعلنا", نضيف: "كافاً" فنقول : منكطي.
2ـ أن اللغة الفلانية تعتمد علي الموقفية فتعبر عن الفاعلية و المفعولية فتورد الفاعل ثم الفعل فالمفعول مثل: "على جنكى دفتري" "قرأ على الكتاب".
3ـ الفاعل دائماً يأتي قبل الفعل, ولا يجوز مجئ الفعل في مقدمة الجملة ألا نادراً مثل: " محمد يمى " "يرى" فكلمة محمد هي الفاعل, وكلمة يمى هي الفعل.
4ـ أما الجانب الصرفي فأن اللغة الفلانية ليست لها أداة تعريف, وكذلك النكرة ليس لها علامة تدل عليها.
5ـ أما التذكير و التأنيث: فان اللغة الفلانية لا تتعامل التذكير و التأنيث مثل لغة الهوسا و العربية, بل تنظر ألي الكائنات من حيث أنها حية أو غير حية, ومن حيث حجمها أو شكلها أو ملمسها أو المادة التي عملت منها, ومن هنا تنقسم الكائنات ألي مجموعات, مثل مجموعة الآدميين, و مجموعة المواد السائلة, و مجموعة الأشياء الخشنة و كل مجموعة اسمية لها خصائصها الصرفية و الدلالية الخاصة بها,وهده الخصائص عبارة عن أزواج من المرفيمات في الشكل سوابق ولواحق كل زوج يختص بصيغتي المفرد و الجمع, و تشتق منه الضمائر و أسماء الإشارة و بعض العناصر الصرفية و النحوية.
ومن حيث تعدد لهجات اللغة الفلانية فانه راجع ألي سعة المساحة الجغرافية التي تنتشر فيها اللغة الفلانية, مما أدى إلى تعدد لهجاتها فهي تقريباً ست لهجات رئيسية وهي :
1ـ لهجة فوتا تورو في السنغال.
2ـ لهجة فوتا جالون في غينيا.
3ـ لهجة ماسنا في مالي.
4ـ لهجة سكتو الجزء الغربي من جمهورية النيجر و أجزاء من بوركينا فاسو.
5ـ لهجة وسط و شمل نيجيريا أي في منطقتي كانو و برنو.
6ـ لهجة أمادوا في جمهورية نيجيريا و الكاميرون.
إلا أن تعدد اللهجات في اللغة الفلانية لم تودي إلي عدم فهم بعضهم للبعض الأخر, بل إنهم يتفاهمون فيما بينهم بسهولة.
و لقد تأثرت اللغة الفلانية باللغة العربية تأثراً شديداً إلي حد أن جزء من مصطلحاتها استعانت عليها و اعتمدت علي مفردات عربية فعلى سبيل المثال فأن أسماء الأسبوع,و أسماء أوقات الصلوات الخمس وكذاك عقود الإعداد من العشرين إلي تسعين , وأسماء الشهور الاثنى عشر عربية, فاللغة الفلانية أخذت من اللغة العربية أكثر من إلف و خمسمائة كلمة, هدا ما أكده الشيخ عبد الله بن فودي في رسالته المعنونة تحث اسم " مسالة أصل الفلانيين" حيث قال: على أن لغتنا هذه اللغة الفلانية كثيرة التوافق باللغة العربية. لم تقتصر اللغة الفلانية في استعارتها من العربية على الحروف و الأرقام بل استعارت أوزانها الشعر ايظاً.
فاستخدموا كثيراً من بحور الشعر العربي مثل الطويل و البسيط و الرجز و الوافر و الكامل و المتقارب...الخ في إشعارهم, فانتشرت هذه البحور فحاكوها,إضافة ألي لذلك انتشرت معرفة نظام الشعر المثلث و المخمس و المسبع, و قد أدى عامل الارتباط بالقافية الواحدة في نضم القصيدة الواحدة دوراً كبيراً في إدخال عدد كبير من الكلمات العربية ألي اللغة الفلانية ,وهذه قصيدة نونية باللغة الفلانية
يرجع تاريخها إلي أواخر القرن التاسع عشر, و مضمونها هو الثناء على الله و مدح رسول الله صلى الله علية و سلم, و الخلفاء الراشدين و الصالحين و عثمان بن فودي, فهي تشبه إلي حد كبير القصيدة العربية في كثير من الوجوه:
نص القصيدة
1ـ مُديت مجدو و تعضيم حنان             ستارنون شحر يطويم منان
2ـ الحمد لله مينز ييم نون                  نومو حاند لمل تغنفود و اخوان
3ـ مد يتمو بنو ذات بنزذات مم            فنوج العرش يدوم دوملوان
4ـ مد ي تطو نمش أم مجي سري        غيبيوج فو غم اند مم رحم
5ـ سبحان جتريطو ذات ولابك             مولا بو فطم توو لا بو مكان
6ـ دو ميطوفا ابد مورثر بوليالتا           وولا جهات مولا بطوييوزمان
إلي أن قال:
7ـ مدُيت بو فود يغو شيخ مجدد                نور الزمان مفود بن عثمان
و ترجمتها إلي العربية:
1ـ أحمده وهو الحنان الذي خلقني                وهو الستار الذي سترني و المنان
2ـ الحمد لله احمده كما يستحق                   أن تحمده الخلائق و الإخوان
3ـ أتني علية كما أتني الذات علي نفسه          وهو الذي استوي علي العرش
4ـ أتني على من أحاط بضعفي وانعم علي وستر عيوبي كلها
                                                       وهو الذي سمى نفسه بالرحمن
5ـ سبحان الذي استغنى بذاته و صفاته            ليس له أولية و لا مكان
6ـ هو الدائم إلي الأبد لا يلحقه الفناء ولا يختص بجهة دون أخري
                                                         وهو المتقدم علي الزمان
7ـ أتني علية لأنه هداني علي يد شيخ مجدد
                                                      وهو عثمان بن فودي نور الزمان

                                                





(( 3)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية)) تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

(( 3)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))
((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة ونزريك الشاطئ تكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البراونة ))
الحالة السياسية لقبائل ألفلان بأفريقيا فيما وراء الصحراء
 تعتبر قبائل ألفلان من أكثر القبائل الإفريقية تنقلاً في عرض القارة و طولها, وقد اصطلح المؤرخون علي تسميتهم بالمنتشرين.
*الانتشار الأول: شمل جنوب موريتانيا و منطقة الحوض,والمعلومات عنها قليلة.
*الانتشار في الفترة التاريخية: وفي هده المرحلة اتجه ألفلان من منطقة حوض السنغال ألي عمق القارة الإفريقية.(ص31)
1ـ انتشارهم في منطقة فوت و حوض السنغال :
ابتداء من جنوب شرق موريتانيا,أخذت قبائل ألفلان تتجه نحو المناط الخصبة, حيت بدؤوا يمارسون حرفة الزراعة, فوصلوا إلي فوتاتورو مع نهاية القرن الثامن الميلادي و بدية القرن التاسع,و استمروا بها إلي القرن العاشر الميلادي.
و يبدو أن أفواجا كثيرة من ألفلان اتجهت إلي مملكة تكرور, و سيطرت علي مقاليد الأمور مع بداية القرن العاشر الميلادي, وأصبح سلاطين و حكام التكرور من ألفلان.(ص32)
وتعد أهم خلخلة سياسية ظهرت في المنطقة هي حركة الإمام عبد القادر المكنى بعبدول (1776-1805) و ينتسب إلي عشيرة ديالو الفولانية,وقد كان الإمام عبد القادر رجل سياسة استطاع إن يضم شمل منطقة فوتاتورو,ويؤسس مجتمعاً ملتزماً بمبادئ الشريعة الإسلامية, وكانت طموحاته توحيد المنطقة التي تعودت علي عدم الخضوع لأية سلطة,و بداية من القرن الثامن عشر لم يعد النظام الدينياكي يسيطر ألا علي ثلث هده المنطقة, ولم يبق قادراً علي توفير الأمن للسكان خاصة تجاه الخطر الأجنبي الذي يتمثل في تجارة الرقيق التي بدأها الاربيون انطلاقاً من سان لوى, وكذلك أمام خطر أخر يتمثل في غزوات كل من البراكنة و الترارزة.
وأمام هده الظروف و الأخطار التي تمر بها المنطقة تكونت فرقة من الأسر التورودية التي كانت تحتمي بمنطقة فوتا الوسطي و في سنة 1761 استطاعت الدفاع عن كيانها, وكانت هذه أول نقطة ارتكاز للنظام التورودي, و ابتداء من عام 1772 بدأ الإمام عبد القادر في حركة الجهاد ضد أعدائه الذين يثيرون علية المشاكل, وقد استعان بعدد من التورد, حيت استطاع بحكمته و حنكته السياسية إخضاع أمراء فوتا و مساعديهم, كما عمل على إقامة عدد من المدن المحصنة و المسورة, إضافة له لهذا وزع مجموعة من الأراضي الخصبة علي المسلمين الذين انضموا إلية, كما شيد عدة مساجد, وفي سنة 1784 استطاع الزعيم الروحي و السياسي الإمام عبد القادر من تنظيم دواليب بيت الحكم من الداخل,بأن فرض الضرائب علي التجار, و منع تجارة الرقيق,وأعلن الحرب ضد قبائل الترارزة, وأخضع كلا من إمارات الولوف و كايور.
2ـ انتشار ألفلان في برنو:
أما في برنو فكانوا يستقرون حول بحيرة تشاد و كونوا مجموعات أطلق عليها عدد من المؤرخين اسم فلاته برنو ,وعاش علماء ألفلان يساهمون بجهودهم جنباً
إلي جنب مع علماء و سلاطين برنو طوال التاريخ المشترك بينهم ,ابتداء من القرن الحادي عشر.(ص34)
والجدير بالملاحظة أن ألفلان لم يقتصر تحركهم علي السودان الغربي و الأوسط بل تعدوه إلي ابعد من ذلك فانتشروا بين بلاد دارفور و البحر الأحمر, و قاموا بدور بارز في تعميق و ترسيخ سلطنة الفونج,وكان نشاطهم محدوداً في الاستشارة و الإدارة و الجيش,و عرفوا بتواجدهم المكثف في منطقة سعدون التي تقع جنوب دارفور مند القرن السادس عشر,كما عرفت حوس هجرة كبيرة من قبائل الفلان ما بين القرنين الخامس عشر و الثامن عشر انطلاقاً من ماسنة, التي أصبحت فيما بعد نقطة استقطاب للفلان الذين وفدوا من فوتة طورو التي أصبحت هي بدورها مكانا للهجرات في القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر فقد شهدت هذه الفترة انطلاق موجات جديدة للفلان نحو كل من: أدماور, باغرمي  ولبتاغور تورودي و حوس و نرنو و زلزك و كب و غيرها.(ص36,37)
لقد تميز ألفلان بتفوقهم علي بقية القبائل في الميدان الثقافي, الأمر الذي جعلهم في مراكز مرموقة, ويعتبر هذا العنصر من الرعايا المعاندين الذين لا يمتثلون بسهولة للحكام المحليين, وقد أدي بهم إلي التعرض لسخط القادة و انتقامهم منهم عدة مرات.
إضافة للاستقرار الفلاني في المناطق سالفة الذكر فقد استقر جزء منهم في منطقة أداماوا, حيث أطلق عليهم فلاتة  أداماوا نسبة إليها,وقد ظهرت قبائل ألفلان و أخذت تؤدي دوراَ مهماً في فترة مملكتي مالي و سنغاي,و قد اتخذت حكومة مالي الإسلامية أموراً احترازية من قبائل ألفلان بتشتيتهم في عدة ولايات في الإمبراطورية إلا إن قبائل ألفلان كانت أكثر نشاطاً و تحديداً بعد أن كونوا طبقات حاكمة موالية لهم ساعدت علي استقلال بعض الولايات منها ( كنتاكا) و تمركزهم في بلاد التكرور مكنهم من تكوين كيان سياسي طبع بطابعهم بأن أسسوا أسرة حاكمة في القرن الرابع عشر.
وفي إمبراطورية سنغاي سلكوا المنهج نفسه فقد أفاد الرحالة الألماني هنري بارث, أن العنصر الفلاني قد بدأ يبرز بوضوح خلال القرن السادس عشر,وبتحديد عام 1500 في إطار سنغاى مما جعل القادة يتخذون الحذر و الحيطة,ويعملون بكل ما في وسعهم على إبقائهم تحث مراقبتهم.(ص37,38)
فمن الواضح أن العنصر الفلاني كان غير قابل في الاندماج داخل المجتمعات التي يعيش بين ظهرانيها,فقد كانوا أكثر الناس تمسكاً بتقاليدهم و عاداتهم أينما توجهوا, وحيثما سكنوا و كانوا أكثر الناس اعتزازا بالنفس و تمسكاً بالكبرياء,أما عن حياتهم الاقتصادية فقد كان ديدنهم التجارة حيث كانوا يغرقون الأسواق بماشيتهم و سلعهم كالجلود و الصوف و ألزبده و اللحوم و غير ذلك.
أو يفرضون وجودهم بصفتهم علماء و فقهاء يأمرون بالمعروف و ينهون عن المكر, ولعل هذا ما كان يغضب الكثير من السلاطين فيضيقون عليهم و يستبعدونهم.




(( 2 )) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية)) تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))


(( 2 )) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة و ونزريك الشاطي و تكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البراونة ))
 بدية الاقتباس

المجتمع الفولاني و التنشئة الاجتماعية:
المجتمع الفولاني يتميز بخصوصيات منها : الوفاء بالعهد,و البر بالولدين, و احترام الكبار و كثمان السر و الصبر علي الشدائد و الشجاعة المفرطة.
الوفاء بالعهدالوفاء بالعهد لدى الفلاني أمر لا جدال فيه فالفلاني إدا عاهدك فإنه مستعد أن يدفع حياته ثمناً لهذا العهد.
احترام الكبار تجد الفتي الفلاني يتقدم ألي الشيوخ الطاعنين في السن يكرمهم و يستمع ألي نصائحهم.
البر بالولدين فالرجل الفلاني ينشئ أبناءه علي بر الوالدين و خاصة الأم فتعتبر توجيهات الأم لأبنائها بمثابة أوامر و يمكن أن يعصي الولد أوامر والده و لكن أوامر أمه غير قابلة للرفض لان ما يصدر من الأم يعتبر كمصدر الرحمة.
كثمان السر: الفلاني يعتقد بأن قوة الإنسان تأتيه من كتمانه للإسرار فالأولاد يحثون علي عدم إفشائهم للأسرار ولو سالت فلانياً كم يمتلك من الأبقار فلن يذكر لك شيئاً و لديهم مثل يتداولونه يقول (( الجوف لم يخلق فقط لتخزين الأطعمة و أنما خلق لحفظ للإسرار)).
الشجاعة: ينشا الفلاني علي هذه الفضيلة مند نعومة أظافره حيث يختبر الفولانيون أبناءهم بوضعهم في مأزق و يراقبوهم في الكيفية التي يخرجون منها و يكون دلك عندما يشبون و يمارسون مهنة الرعي فكثيراً ما يتعرضون لمواجهة الحيوانات المفترسة كالنمور و الأسود التي تريد التهام حيواناتهم فيقومون بقتلها بكل شجاعة.
ظاهرة الانضباط تعد هذه الظاهرة من ابرز الظواهر الأخلاقية و يتعلمها الأبناء خلال آداب الأكل و تتمثل في عدم الحديث أثناء الأكل فالفلاني لا يتكلم قط وهو يأكل إضافة لذلك لا ينظر ألي الآخرين أتناء الأكل في أخد اللقمة  و عدم احذ اللحم بدون ادن إضافة لذلك عدم إمساك الإناء باليد أليسري أتناء الأكل كل من يخالف هذه الآداب من الأبناء يصفع أو يحرم من الأكل.
هده القيم المغروسة في الطفل الفلاني تعلمه السيطرة علي الذات و الاكتفاء بالقليل و الانضباط و التدريب علي الصبر إضافة لذلك الاحترام المفرط للكبار.
أن النظام الأسري لدي ألفلان يحتل مكانة رفيعة في ثقافتهم فنجد النظام الأموي هو السائد ولكن هدا لا يعني أبعاد الرجال كلياً من المسؤولية, و هناك قبائل تعتمد علي نظام تعدد الزوجات فالرجل الفلاني يتزوج أربع نسوة بدون أي إحراج فالرجل و المرأة كل منهما يؤدي دوره بكل احترام متبادل.
أما فيما يتعلق بزواج الأبناء فان الأب هو الذي يزوج ابنة الزواج الأول و عادة ما يتم الزواج من الأقارب وفي اغلب الأحيان فان البنت تختار مند يوم العقيقية وعائلة الابن تقدم شيئاً رمزياً دليلا علي طلب يدها و المهر عند ألفلان لا يتم نقداً و إنما تقدم عائلة الزوج ثوراً صداقاً للعروس وفي ليلة العرس يذبح العريس أكثر من عجل لا يقل عمره عن ثلاث سنوات و تعد مائدة من اللحم و الحليب و يكون الفرح سبعة أيام.
والملاحظ أن المائدة التي تصنع لا يأكل منها أهل العريس و الأغنياء من الضيوف بل يأكلها الفقراء و يعتبر عندهم من اكبر العيوب أن يشاهد أحد حالته ميسورة وهو يأكل من وليمة العرس.


أما بالنسبة للمولود فإنهم يحتفلون به أيما احتفال و يسمونه في اليوم السابع و تعمل له العقيقية بأن يذبح للمولود الأول و الثاني ثور.

(( 1 )) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية)) تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

(( 1 )) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة و تكركيبة و الرقيبة)) وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و البروانة))

بدية الاقتباس
أدي ألفلان دوراً كبيرا في مجال نشر الدعوة الإسلامية في غرب إفريقيا , مما جعلهم من أهم الشعوب الأفريقية التي تركت أثراً واضحاً في تاريخ القارة و حضارتها, هدا الدور هو الذي خلد اسمهم أكثر من غيرهم من القبائل التي تجاورهم (ص 2).
أن ألفلان يشكلون أكبر تجمع في غرب أفريقيا ويمتازون بحركتهم الدائمة مما يجعل موطنهم و معرفة أعدادهم بدقة أمراً في غاية الصعوبة,وهم يعتبرون في جل دول القارة مواطنين نشطين لهم ثقلهم السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي,أن أعدادهم الهائلة التي تصل تقريباً ألي أربعين مليون نسمة ينتشرون في أكثر من خمسة و عشرين دولة أفريقية ليست بألا مر الهين(ص 4).
التواجد الجغرافي:
ينتشر الشعب الفلاني بصورة مكثفة علي امتداد إقليم السافانا من المحيط الأطلسي غرباً ألي إثيوبيا علي سواحل البحر الأحمر شرقاً ومن منطقة شبه الصحراء شمالاً ألي المنطقة الاستوائية جنوباَ (ص 9).
جذور التسمية:
أثيرت مسألة الفولانيين منذ أوائل القرن الثامن عشر ووصولاً ألي القرن العشرين, من قبل عدد من الباحثين الأوربيين, منهم كلابرتون الذي ألف كتاباً عنهم عام 1829م و الذي يقول فيه : أن أسمهم هو فلأنس و يسمونهم خطأ فلآلة, ثم جاء دافزاك الذي ألف كتاباً عام 1829م أورد فيه أن الفولانيين يطلقون علي أنفسهم أسم فلأنس، وجاء الرحالة الالماني بارث الذي وصل ألي مضارب خيام الفلات و حاول أن يصل الي أصل التسمية, فتحدث في الفصل الخامس من رحلته عت الأهمية السياسية للفلب, و في الفصل السابع تناول مملكة البرلو في ماسنة, وهذه الكيانات السياسية, التي اسسها نفس العنصر الفولاني, وانطلاقاً من هذا يتضح أن بارث لم يضبط جيداً موضوع الفلان.
وقد جاء الباحث طوكسي بمحاولة لتصحيح من سبقه في تسمية ألفلان من خلال كتابه "عادت و تاريخ ألفلان" الذي ألفه عام 1937م إلا انه هو الأخر وقع في المحظور نفسه(ص11).
و الجدير بالملاحظة أن المصادر العربية قد تعرضت للفولان بذكر و الإشارة مند المقريزي (1442) و عبد الرحمن السعدي صاحب تاريخ السودان الذي تطرق إليهم في كتابه تاريخ السودان1667م , و عرفت القبائل الفولانية عند أبناء السودان بعدة تسميات وصلت ألي ما يزيد عن مائة و احد عشر اسماً,حيت يطلق عليهم شعب الماندك لفظ فولبة أو فولة, و يناديهم أهل حوس, بالفلاني, وقبائل التيبو و التيدا و الكانوري, يطلقون عليهم الفلاتا أو الفلالا, و يسميهم أهالي السنغال بالبولو أو بولار, وقبائل الولوف يطلقون علية بول,أما أهل برنو فينادوهم بالفلاطى, ويسمي الفولانيون بلغة اليوربا و ايبوني فولاني, أي بمعني قوم جاءوا من وراء البحار,و تسميهم قبائل الموسي سلميز أ سلمسي , كما يطلق عليهم أهل غامبيا و سيرليون اسم فيلا, أما أهل كورور فيسمونهم أبط و معناها أبيض و ترد تسمية الفولانيين بألفاظ مختلفة في المصادر العربية, و الإفريقية فيطلق عليهم تارة فلاته و تارة ألفلان أو الفل أو الفلالة.
كما يري موسى كمارة المورخ الإفريقي, أن أصل لفظة الفلان هي الفلاح, فلما طال تداول الألسن للكلمة استبدلت, الحاء نوناً لحناً, أما العالم عبد الله بن فودي فأنه انتحى منحى آخر مفاده أن لفظة فلاته مشتقة  من فعل فلت في اللغة العربية, أي نجا ينجو و لهذا ولهذا السبب كان اسمهم فلاتيون.
و هناك رأس, وهو الاقرب ألي الصواب من غيرة من الاراء و الاكثر منطقية وهو أن أسم الفلان جاء من تحريفاُ للعدد الفان من الجند تركهم عقبة بن نافع في افريقيا, أبان الفتح الاسلامي للمنطقة الذي وصل بجيشه إلي كل السوق علي ضفاف نهر النيجر و حرفت ألفان ألي ما يعرف اليوم بالفلان(ص13,11).
أصولهم :
وقد تضاربت الآراء بين موضوعية علمية, و آخري إيديولوجية معينة كثير من الصفات التي تحملها قبائل ألفلان شدت انتباه عدد من الباحثين و جعلتهم يطرحون عدة تساؤلات عن أصولهم, هل هم من أفريقيا أم إنهم هاجروا إليها من أماكن أخرى و حافظوا علي خصائصهم وقد تضاربت الآراء بين موضوعية. الأول : رأي الأصل الإفريقي, و الثاني الأصل غير الإفريقي.
الأول : رأي الأصل الإفريقيأفاد "موليان" الذي كان علي قيد الحياة عام 1818م بأن أصل ألفلان حامي, بعد أن لاحظ تقارباً في العادات و الأوصاف بين الفولانيين و النوبيين, أما الرحالة "بإرث" فقد ذكر بأنهم أتوا من شرق أفريقيا, و أقاموا في شمالها قبل الهجرة الغربية الأولي, ثم انحدروا عبر المغرب الأقصى عام 150ق.م ووصلوا الي حوض السنغال ونزلوا منطقة فوتا تورو .
كما ارجع "ميك" أصل قبائل ألفلان ألي قدماء الليبيين, و يرى "هوكبن" أن الفولانيين جاءوا من شرق أفريقيا إلي مصر و منها اتجهوا نحو المغرب, واضطروا إلي تركه تحت ضغط بني أمية القادمين من الجنوب,ألي أن استقر بهم المقام في فوتا جالون,ومنها ألي ديار قبائل الهوسا خلال القرن الثاني عشر.
أما "هنويك" فقد أفاد أنهم كانوا في غابر الأزمان يتنقلون بين المحيط الأطلسي و نهر النيجر, ولذلك كانوا من الأوائل الذين وصلت أليهم الدعوة الإسلامية عندا مرور تجار ليبيا و المغرب بهم في القرن العاشر....
الثاني الأصل غير الإفريقي: لقد انتقد عدد من الباحثين الأفارقة بشدة آراء العلماء و الباحثين الأوربيين, الذي يحاولون البحث في أصول الفولانيين غير الأفارقة,و اعتبروها أطروحات خيالية تخدم مصالح إيديولوجية أكثر من اعتمادها علي حجج علمية و من هؤلاء الباحثين: الشيخ "عمر كاني", الذي رفض النظرية التي تقول: بالأصل السامي للفولانيين مؤكد أنهم استوطنوا الصحراء الإفريقية مند 2000سنة قبل الميلاد, و بالتحديد من منطقة تاكانت و أدرار.                   
وتعد الدراسة التي قام بها "موسي لام" حول ألفلان والتي اثبت فيها أطروحة الشيخ "أنت ديوب" التي تقول: بالأصل الليبي القديم للفولانيين, وقد انتقد بشدة آراء الأوربيين و خاصة "جيلبير فيلر" الذي اعتبره يلخص الفكر الاستعماري الأبوي.
مؤرخي الفوالان:  أما جل المؤرخين الفولانيين فأنهم يتفقون علي رأي موحد بأن أصلهم عربي, ويرجعون ألي الفاتح العربي عقبة بن نافع الفهري الذي ترك ألفي عسكري علي ضفاف نهر النيجر و قد تزاوج الألفان مع السكان الأصليين و حرفت ألفان ألي أن وصلت ما يعرف بالفلان...
ويقول عبد الله بن فودي في إحدى قصائده:
وعقبة جد الفولانيين من عرب         ومن توردب كانت أمهم بجمنع
قال توماس ارنولد: في كتاب ((الدعوة إلي الإسلام)) ترجمة حسن إبراهيم حسن و عبد المجيد عابدين /مصر(ب- ت)ص361-362.
((أنهم يعيشون في عشائر, ذوو طبيعة هادئة, لأنهم تعلموا جيداً ماهو عدل و ماهو حق)).
وصفهم الباحث سلجمان: في كتاب (( السلالات البشرية في افريقيا )) ترجمة يوسف خليل , /القاهرة1959(ص110).
(( بأنهم: محافظون بطبعهم شديدو الريبة و الشك في الاجنبي)).
نظام الحكم لدي قبائل ألفلان :
الأمير: لكل قبيلة من قبائل ألفلان أمير يسير شؤونها في المنطقة ويعتبر السلطة العليا, وله حق القرار في السلم و الحرب.
الشيخ:  كان لكل فخد من أفخاذ ألفلان شيخ يأتمرون بأمره, وهو المسئول عن حفظ الأمن و فض المنازعات.
الأمام: منصب روحي رفيع عند قبائل ألفلان, و الذي يتولي هذا المنصب يشترط فيه أن يكون حافظاً للقران الكريم, وله نصيب وافر في اللغة العربية و الفقه وللإمام مهمة تحفيظ أبناء قبيلته القران الكريم و تعليمهم تعاليم الدين الإسلامي, و إليه المرجعية في المسائل التي تشتكل عليهم.
والعنصر العرفي و العنصر القبلي, إذ أن ميلاد الفرد هو الذي يوجه مكانته الاجتماعية , وهذا يدل على أن الفرد في مجتمعات الفلانية لا يتزوج ألا من الطبقة الاجتماعية التي تنظره, بغض النظر عن ثرائه و علمه و مركزه.
أما العنصر القبلي فهو القاسم الذي يفرض على ألفلان معرفة تسلسل نسبه الذي يصل به إلي الوقوف على جده الأول, و بذلك يحق له استعمال احد الألقاب التي كان يدعي بها الجد الأكبر و يتوارثها الأبناء و الأحفاد, ويطلق على هده الألقاب باللغة الفولانية بتوري.
(( وقد تهجم عليهم عدد من مؤرخي الغرب من بينهم الأمريكي Meekc  K" " الذي قال عنهم " بأنهم كالقطط تتسلل في هدوء لتنقض فجأة" وهذا الوصف يدل علي أن قبائل ألفلان قارعت المستعمر و أذاقته الويلات, ولذلك نعتوهم بهذه النعوت)).
و تكاد الآراء التي تمكنت من الاطلاع عليها تجمع علي تميز ألفلان عن باقي القبائل الإفريقية بالثقة في النفس, و الشجاعة و الذكاء و كثرة الترحال .
وينقسم ألفلان إلي أربعة طبقات مختلفة تختلف كل واحدة عن الأخرى وهي:ـ
أولا: طبقة ريمبي : أي الأحرار أو السادة و تضم الملوك و يليهم  العلماء.
وتمثل هذه الطبقة قمة هرم الشريف في المجتمع الفلاني, و يتفاخر كل من ينضوي تحت لواء هذه الطبقة, لان لديهم مزايا معينة , منها أن يتولي أصحاب هذه الطبقة الزعامة في مجتمعاتهم وقت السلم و الحرب, ولهم حق التصرف في الأراضي الزراعية و المواشي و امتلاكها, ومن مهامهم في مجتمعهم فض المنازعات بين الأهالي و تسيير الشؤون الإدارية العامة لرعاياهم.
ثانيا: طبقة جاومبيتأتي في السلم الطبقي الاجتماعي بعد طبقة ريمبي, والمنتسبون إليها هم ايظاً أحرار ,إلا أنهم اقل درجة من الطبقة الأولي, والسبب راجع إلي انتماءهم للعرق الفلاني من جهة الأم فقط دون الأب.
ثالثًا: طبقة سبي: يمثلون الدرجة الثالثة في السلم الطبقي للمجتمع الفلاني فهم يمتهنون حرفة صيد الأسماك و التجارة.
رابعًا: طبقة نيابي:وهي طبقة العبيد و تنقسم إلي فئتين:ــ
1ــ أصحاب الحرف و المهن الموروثة وهم: الحدادون و الدباغون و النحاتون والقصابون و النساجون.
2ــ أصحاب الحرف الغناء و المدح و عازفي القيثارات و الآلات الموسيقية الأخرى, ويدعون بأسماء مختلفة حسب نوع الغناء و يعرفون " بمابوبي " و ينقسمون إلي ثلاث فئات:
فئة غولو : و يرتبط أعضاؤها في اغلب الأحيان بسلسلة الأنساب و صار لكل عشيرة غولو يمدحها أمام القبائل الأخرى.
فئة بامباطو : و يقصد بها الحمل علي الظهر وهذه الفئة تختص بالغناء و الشعر و مدح الأبطال في ساحات المعارك و لديها آلة موسيقية خاصة تعرف بهوددو.


فئة جاروتوطو : وهم الشعراء الذين يقرضون الشعر الديني وقد قدمت هذه الفئة ألي الدين الإسلامي و الثقافة العربية خدمة جليلة,في الفقه و العبادات حيث صاغت أشعاراً أسهمت في نشر الدين الإسلامي في أفريقيا.

مقالات عن الفلاته ((مهاجرو القيروان الفلاتة هم من بنوا جامعة القرويين))


مهاجرو القيروان الفلاتة هم من بنوا جامعة القرويين
دخل المسلمون العرب تونس سنة 670 ميلادية, وأنشئوا مدينة القيروان أي بعد وفاة الرسول علية الصلاة و أفضل السلام بنحو 38 سنة , بني  القائد العربي المسلم عقبة بن نافع مسجده الجامع هناك ليؤمه طلاب العلم من المشرق و المغرب.
و قد أنشئ بمدينة القيروان معهد لدراسة الطب و الرياضيات والصيدلة و أطلق علي المعهد اسم (( بين الحكمة )) و قام أساتذته بنشر العلوم في حوض البحر الأبيض المتوسط  و أوربا  و أصبحت مدينة القيروان هي عاصمة المسلمين في أفريقيا.
وفي العصر العثماني لم يكن يسمح لغير المسلمين بدخول القيروان مدينة الأربعمائة مسجد بمآذنها و قبابها , غير أن المسجد الجامع هدم و أعيد بناؤه خمس مرات حيت تبادل البربر و الرومان الإغارة علي تونس , و البناء الحالي يرجع إلي عهد الاغالبة في القرن الثالث الهجري.
وفي القرن الثامن الميلادي هاجر أكثر من ثلاثة ألاف من أهالي القيروان, هرباً من فضائع الرومان و البربر في بلادهم , و قـــد استقروا و استوطنوا بالقرب من مدينة فأس المغربية ((عدوة القيروانيين)) التي بسطت فيما بعد إلي ((عدوة القرويين)) ومن هولاء المهاجرين كانت السيدة فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري القيرواني و حين توفي والدها ترك لها ثروة طائلة , أنفقتها كلها في بناء جامع القرويين سنة 802 م علي نمط جامع القيروان في بلادها , وتحول الجامع بعد دلك إلي جامعة للدراسات الإسلامية , وقد ظلت فاطمة الفهرية صائمة محتسبة إلي الله حتى ثم بناء المسجد فصلت فيه شكراً لله .و في نفس الوقت قامت أختها مريم بعمل مماثل في جامع الأندلس . و لجامعة القرويين دور رائد و فعال في تعليم المرأة.
أخيرا فأنه تخرج الكثيرين من العلماء و القادة من هده الجامعة وكان الملك سلفستر الثاني احد خرجي جامعة القرويين...

((4)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية)) تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))


((4)) مقتطفات من كتاب (( قبائل ألفلان دراسة وثائقية))
تأليف ((أ.د الهادي المبروك الدالي ))

((قبائل ألفلان أو الفلاتة يتواجدون بكثرة في ليبيا بالمناطق الجنوبية و علي الأخص بمدن مرزق و اوباري و سبها و غدوة و حج أحجيل و فنقل و ودان و زلة ونزريك الشاطئ وتكركيبة و الرقيبة وكذلك بنسبة أقل في المدن بنغازي و اجدابيا و طرابلس تحت مسميات قبائل متعددة الفلاتة وأولاد حمدان و أولاد اللافي و ألفودة و و البراونة ))
ألفلان يدخلون معترك الحياة السياسية في إطار امتلاك السلطة:
تفيد المصادر التاريخية أن ألفلان ظلوا يجوبون القارة الإفريقية طولا و عرضا مند ألاف السنين,دون أن يتمكنوا من تأسيس سلطة سياسية مستقرة و السؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف تحول القرن الثامن عشر من رعاة متنقلين إلي قادة استطاعوا قيادة أشهر الحركات الإصلاحية التي ظهرت في إفريقيا فيما وراء الصحراء؟ للإجابة عن هذا الطرح, لابد من تتبع التطور التاريخي لأمة ألفلان,ثم الوقوف علي آليات امتلاك السلطة عند شعوب ألفلان. ويمكن تقسيم ذلك إلي ثلاث فترات:
الفترة الأولى: تميزت هذه الفترة في حوض السنغال بامتلاكهم الأراضي الزراعية, وكانت إرهاصات تكوين الدولة و كان ذلك يتطلب منهم مواجهة رهانات منها:ـ
1ـ تأسيس الدولة يترتب علية قبل كل شئ تنظيم العلاقة مع المجتمع القبلي و مجال تنقله, وهذا ما حدث في الفترة الأولى,سواء في منطقة حوض السنغال و ماسنة,وذلك بنزول ألفلان بطريقة سلمية في أراض خصبة هذا من جهة أخرى مزاولتهم للنشاط ألفلاحي, بالإضافة ألي نشاطهم الأصلي وهو تربية الماشية من بقر و أغنام و تمخض عن هذا الازدهار الأسواق و تزويدها بمنتجاتهم ألفلاحيه , وأضحوا بعد ذلك قوة اقتصادية يحسب لها حسابها في المنطقة.
2ـ انتقالهم من رعاة يأمرهم المزارعون بتربية الماشية إلي ملاك للأراضي,وقد ترتب علية انتشار لهذه السلطة الناشئة,فظهرت أولى الكيانات السياسية في المنطقة مع أسرتي لام تومس الدينيكية,فالظرف يتعلق إذن بنموذج أولى لامتلاك السلطة لدى ألفلان,اعتمد في المراحل الأولى على آليات تقتصر على امتلاك المجال الجغرافي من جهة,و امتلاك القوة الاقتصادية من جهة أخرى,هذه الآليات لم تكن في مستوي المطلوب بالنسبة للفلان في الفترة الأولى, حيث نتج عن ذلك عدم اسمرار هذه الكيانات السياسية لفترة طويلة مما جعل ألفلان يبحثون عن بدائل أخرى.
الفترة الثانية:  في هذه الفترة واجه ألفلان مشكل ظهور النخبة وهذا لا يتسنى لهم ألا من خلال ثلاث مراحل وهي:ـ
1ـ مدخل العلم:
تيقظ ألفلان ((الفلاتة)) مند زمن بعيد لحاجتهم إلي وطن أصلي يحتضنهم وحاولوا الاستعداد لذلك, فاعتنقوا الدين الإسلامي و تكونت لديهم نخبة استطاعت أن تتضلع في اللغة العربية و الفقه الإسلامي, و أخذت النخبة منها تمارس التدريس و تعليم القران الكريم,و مكنهم ذلك من احتلال مناصب اجتماعية مرموقة داخل القارة الإفريقية, فكان منهم القضاة و الأمناء و الأئمة و غير ذلك, ووصلت فيما بعد إلي مصاف علماء استطاعوا استقطاب العامة إلي جانبهم و شق عصا الطاعة على الحكام المحليين.(ص41)
2ـ مدخل النسب:
أيقظ النسب لدى قبائل ألفلان((الفلاتة)) وعيهم بأصولهم مما دفعهم إلي البحث عن الهوية, فتخصص جزء منهم في الأنساب.
3ـ المدخل الصوفي:
أخذت هذه المرحلة اهتمام ألفلان ((الفلاتة)) بتأسيس المشروع الحضاري بشقية الديني و السياسي علي أسس قوية,وتم الانتقال من العلم إلي التصوف, و التصوف يقتضي وجود علاقة تجمع بين الشيخ و المريد لتصبح هده العلاقة, علاقة ولاء روحي أكثر منها علاقة تعلم لكي يتمكن من خلالها الشيخ من تمرير مختلف أفكاره إلي مريديه كانتقاده للحكام و الدعوة إلي إقامة الجهاد.
وفي هدا المضمار نشير إلي مسألة مهمة و مقدسة كمسالة البركات و الكرامات و الولاية التي التصقت بالفلان كما أفاد بذلك عبد الرحم السعدي(كتاب تاريخ السودان) و نلمسه جليا في القرن التاسع عشر بداية من الفترة الشيخ عثمان بن فودي بإعطاء هالة للطريقة القادرية, في بلاد الهوسا,ومع الحاج عمر في حوض السنغال باعتماده علي الطريقة التيجانية الواسعة الانتشار,و الشيخ احمدو في ماسنة باعتماده الطريقة القادرية.(ص42)